التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ملاكي الحارس

رجعتُ للبيتِ مُنهكاً لأجدكِ منشغلةً بالتسبيح والتهليل وكتاب الله بين يديَكِ .. قعدتُ بمحاذاتكِ وتأملتُ وجهكِ ولم أنْبس ببنتِ شَفه.. وضعتُ رأسي على رِجلك وأغمضتُ عينَيّ في سَكينةٍ أثناءها كنتِ تمسحين على رأسي وتقرأين على قلبي المعوذات وآيات الحفظ ثم أمسَكتِ عن القراءة وسألتِني: ما خطبُ ولدي اليوم؟! لماذا أنت هادئٌ جداً على غير عادتك؟!

قلت لكِ وأنا مازلتُ مغمضاً عينيّ: لقد اشتقتُ للجنةِ ونعيمها💗

لتبتسمي في هدوء ولأكمل جملتي قائلاً" أمي لا تتوقفي عن عبادتك ، آهٍ لو تعلمين كم أحب صوتكِ "


كنتُ كل مرةٍ أراكِ تغفِين فيها أطالع وجهكِ وتمتزج في قلبي مشاعر الحب والشوق والخوف.. نعم أخاف عليكِ كل لحظة، كل دَقة ساعة ونبضة قلب ..

ذات يوم لم أتحمل مشاعري فطفَرت من عيني دمعة وكدتُ لا أخفيها لما رأيتِك تنظُريني فجأة.. وكأن شيئاً ما نبّهكِ من غفوتك..

مالك يا بُني؟! ليكون جوابي مشاكساً " أليس من حق المرء أن يشتاق للجنة؟! " لتضحكي قائلة" دائماً تشاكسُني حتى أثناء نومي .. تعال إلى قلبي يا صغيري" قُلتِها وقد فتحتِ ذراعيك على اتساع العالم لتقفز روحي إلى الملكوت و تنال من قلبكِ بعض الدفء.. 

الله.. ما أشهى رائحتكِ وأرهف روحكِ يا أمي.. لا أريد أن أخرج من النعيم..روحكِ ريحٌ يضاهي جمالها النسيمَ في ليالي الصيف..

وصوتكِ اخضرار الغابات وانسياب الأنهار ..

قلتُ لكِ في لحظة اعتراف: أمي لا تتركيني .. 

لأجدكِ تجذبيني إلى صدرك وتُسَمّين الله وتقرأي على قلبي لأهدأ وأسكن.. 

"لا تخف يا بُني.. أنت قويٌ جداً .. لن يكسرك غيابي ولن يقتلك فَقدي..أنت فارسي القوي.. 

أعرف أنك تراقبني في نومي خائفاً من رحيلي.."

فتحتُ عيني ذاهلاً.. أمي .. كنتِ تدرين؟!

كانت ابتسامتكِ بلل الغيث على أرضٍ يَباس .. 

سالت دموعي وأنا أضمكِ بأقوى ما تملك يدايَ الصغيرتان.. لن ترحلي قبلي يا أمي.. لن أصبر عنكِ.. لن أصبر عنكِ..

..


"وأعشق عمري لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمع أمي"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طفلة بين يديك

بين يديك ..  أُلقي روحي لتمحو كل آلامي .. كَـ طفلةٍ مدللة تبكي في حضن أبيها .. ليغمر قلبها سكينةً و سلاماً .. نعم .. أشكر الله كثيراً .. لأنك نعمةٌ أخاف عليها من الزوال !

كسر القيود ~

بعيداً عن الأحاديث المنمّقة و الجُمل المركبة بدقة .. كنتُ إنساناً يلهث خلف عجلة الزمن مخافة انهيار عقارب الساعة على رأس السراب .. كنت أهرب من الماضي للحاضر ..للمستقبل المجهول ..  أي شيء كان أفضل من "الآن" الميّت احتضاراً .. أي شيء كان سينقذني و لو كان مجهولا .. وجاء المجهول .. ومعه المستقبل .. جاءا ..! بالكاد أسمي هذا مجيء ... بل هو سطوة .. هو قائد .. و أنا مقيّدة .. مصفّدة الإرادة .. مستسلمة بلا شعور .. اعترف .. كنت أنام تحت تأثيره .. القلب وحده الواعي .. قد كان يخفق باختناق .. محاولات مستميتة للخلاص .. كان أولها إيقاظ الروح .. قُرعَت نواقيس الخطر .. حان الوقت لكسر القيود .. واختراق حاجز التسليم بقدَر لم يكن مكتوباً .. الآن .. إما الموت تحت وطأةِ الجنون .. أو الفرار من الجحيم .. و قد قررت ..!

قلب من ورد ..~

تلك القلوب تعذبت حتى ذوَتْ .. أوراقُها وتمزقتْ بيديكَ .. لا تشكوَنْ أشواكها إذْ لم تُرِدْ .. منها السّقا وبالندى ترويكَ .. .